eljoker Professional Member
عدد المساهمات : 245 نقاط : 649 تاريخ التسجيل : 30/03/2009 العمر : 31 المزاج : عالي اوي
| موضوع: الشورى في الإسلام والفرق بينها وبين النظم الوضعية الأربعاء أبريل 15, 2009 4:22 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم معكم اليوم بموضوع جميل جداا له فائده قويه فى المجتمع وانشاء الله كلنا نستفاد منه الشورى في الإسلام والفرق بينها وبين النظم الوضعية الشورى في الإسلام تعبيرٌ دقيقٌ عن الحكم الشعبي، وهي من دعائم الدولة والأمة ومسئولية الجميع، والحق تبارك وتعالى أمر بالشورى فقال: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُوْرَى بَيْنَهُمْ﴾ (الشورى: 38)، ثم ترك للمسلمين تفصيلَ هذا الأمر؛ لأن إجراءَها يختلف باختلاف الزمان والمكان، وبهذا يكون في استطاعة الأمة أن تضعَ نظامَ التطبيق بما يلائم حالَها، وبهذا لا يمكن القول بأن في الإسلام قصورًا عن مسايرة الزمن في اختيار الشكل المناسب لها.
والإسلام في الشورى- وفي غيرها من نظم الحكم- أقرَّ الأساس العادل، وعلى علماء الإسلام ومفكريه أن يقرروا- على هذه الأسس- ما يرونه من التفصيلات؛ مما يكفل مصالحَهم ويلائم أحوالَهم.
أولاً: من خصائص الشورى
يخطئ البعضُ أحيانًا حين ينظرون إلى الشورى الإسلامية من خلال تأثرهم بالنظم الوضعية التي قد تتلاقى مع الشورى الإسلامية في بعض الصفات أو الآليات؛ ظنًّا منهم أن في هذا المصلحة، والحق أن المصلحة تتحدد أساسًا في موافقة شرع الله وأحكام هذا الدين، وإلا فما قيمة أي مذهب وضعي أو شعار يرفعه بشرٌ إذا جاء على غير ما أمر الله به، وهذه جوانب من خصائص الشورى:
1- الشورى مصطلح إسلامي، له معناه المستقل به في الإسلام، وهي طابعُ الأمة في كل حالاتها، فهي كمصطلحات: الإيمان، والصلاة، والزكاة، والحج، والجهاد، ولقد ساقها القرآن في آيةٍ واحدة مع هذه الفرائض لتأخذ حكمها، قال تعالى: ﴿وَالَّذِيْنَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُوْرَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ (الشورى: 38)، والتعبير القرآني يجعل أمرَ المؤمنين كلَّه شورى، ليصبغ الحياة كلَّها بهذه الصبغة.. هذه المصطلحات لا يصح أن تفسَّر إلا بما أراده الشارع وبيَّنه الله في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
2- الشكل الذي تتم به الشورى غير مصبوب في قالب، لكنه متروكٌ للشكل الملائم لكل بيئة ولكل زمان، وهذه خاصيةٌ للنظم الإسلامية كلها، فهي ليست أشكالاً جامدةً، وليست نصوصًا حَرفيةً، إنما هي قبل كل شيء روحٌ تنشأ عن استقرار حقيقة الإيمان في القلب، وتكيُّف الشعور والسلوك بهذه الحقيقة، فعقيدة الإسلام وعباداته في أصولهما الثابتة تحويان حقائق نفسية وعقلية ذات أثر في الكيان البشري.
الشورى عبادة
3- أهل الشورى يتقربون إلى الله ويعبَّدونه بهذا العمل، فهم يؤمنون بأنهم عبيدٌ لله، وأنه سبحانه هو المشرِّع، وهناك مفاسد ومصالح، لا قدرةَ لهم على درء ودفع الأولى وجلب الثانية إلا بتوجيه من الخالق- سبحانه وتعالى- إلى الوسائل التي تمكِّنهم من ذلك، ومعرفة هذا الأمر يحفظ من الزلل، ويصون الجهود من الضياع.
4- وحين يفرغ أهل الشورى من دراسة الأمر وتمحيص القضية، ويظهر الرأي الصواب أو القريب منه، ويصدر القرار الذي يحتوي على المصلحة.. هنا يكون التنفيذ هو المطلوب من الجميع، من اقتنع ومن لم يقتنع، بل يصبح صاحب الرأي الآخر وقت المشاورة هو صاحب القرار الذي تم اتخاذه، في الحماس له والعمل بمقتضاه؛ طاعةً لله ورسوله، قال تعالى: ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ﴾ (آل عمران: 159)، ومعناه: إذا تمت الشورى وصدر القرار فهنا العزم والتوكل على الله في التطبيق والتنفيذ.. لقد انتهى وقت الحوار والجدال، ولا يصح أبدًا نقدٌ أو استهانةٌ، أو لمزٌ أو غمزٌ لِمَا توصل إليه أهل الشورى؛ لأن هذا عبثٌ وفوضى، والإسلام يرفض العبث والفوضى.
ثانيًا: خصائص الديمقراطية ونظرة العلماء إليها
الأصول الفكرية للأنظمة الديمقراطية تلتقي في نظام واحد يُرجع أصل السلطة السياسية إلى الشعب، فالأمة هي صاحبة السيادة والحاكمية العليا، أو السلطة العليا الآمرة، التي تستأثر بالحق في توجيه الخطاب الملزم إلى الكافة، وهذه الخاصية في الديمقراطية التي تعبر عن فلسفتها هي التي تتناقض مع الإسلام.. جاء في كتاب (التعددية السياسية): "إن تقرير الحاكمية العليا والسيادة المطلقة للشعب على هذا النحو يتناقض مع أصل دين الإسلام، بل مع أصل كل دين سماوي تعبَّد الله به عباده، منذ آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم؛ إذ لا منازعةَ في أن السيادة العليا والسلطة المطلقة في كافة الشرائع السماوية إنما هي لله عز وجل، لا ينازعه في ذلك ملكٌ مقربٌ، ولا نبيٌّ مرسلٌ، فقد تمهَّد في محكمات الشريعة تفرُّدُ الله سبحانه بالأمر كتفرُّده بالخلق، فقال: ﴿أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾ (الأعراف:54)، وقوله جل شأنه: ﴿إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ﴾ (يوسف:40)، ثم يقول: "فالحجة القاطعة والحكم الأعلى هو الشرع لا غير، والذي يستأثر بتوجيه الخطاب المتعلق بأحكام المكلفين اقتضاءً أو تخييرًا أو وضعًا هو الله عز وجل وحدَه" (دكتور صلاح الصاوي).
ثالثًا: الشورى الإسلامية والديمقراطية الغربية الدكتور محمد عمارة
وكتب الدكتور محمد عمارة يقول: "الشورى آليةٌ من آليات المشاركة في انفتاح الرأي، وفي صنع القرار، وهي في النظام الإسلامي متميزةٌ عن آليات المشاركة في صنع القرار في النُّظُم والأنساق الفكرية الأخرى؛ لأن مكانة الإنسان المسلم الذي يشارك في صنع القرار هي في الرؤية الإسلامية مكانةُ الخليفة لله- سبحانه وتعالى- ومن ثم تحدد له الخلافةُ ويحدد له الاستخلافُ ميادينَ سلطته وحاكميته، وميادين سيادة الشريعة الإلهية وحاكميتها، ومن ثمَّ آفاق حريته في صناعة القرار، ونوع القرارات التي هي من صناعة الإنسان.
فالخلافة الإنسانية هي المكانة الوسطى بين السيادة في الكون وبين التهميش، وللخليفة الإنسان سلطةٌ وإرادةٌ وشورى وإمارةٌ وحكمٌ، تمكنه من النهوض بأمانة تكاليف العمران لهذه الأرض، وذلك في إطار وحدود وآفاق عقد وعهد الاستخلاف الإلهي، الذي تُجسده الشريعة الإلهية صاحبة السيادة على سلطات الإنسان.
وإذا كان البعض يضع الشورى الإسلامية في مقابلة الديمقراطية- سواء بالتسوية بينهما أو التناقض الكامل بينهما- فإن هذا الموقف ليس بالصحيح إسلاميًّا، وإنما هناك تمايزٌ بين الشورى وبين الديمقراطية، يكشف مساحة الاتفاق ومساحة الاختلاف بينهما.
فمن حيث الآليات والسبل والنظم والمؤسسات والخبرات التي تحقق المقاصد والغايات من كلٍّ من الديمقراطية والشورى فإنها تجارب وخبرات إنسانية، ليس فيها ثوابت مقدسة، وهي قد عرفت التطور في التجارب الديمقراطية، وتطورها وراد في تجارب الشورى الإسلامية، وفق الزمان والمكان والملابسات.
أما الجزئية التي تفترق فيها الشورى الإسلامية عن الديمقراطية الغربية فهي خاصة "بمصدر السيادة في التشريع ابتداءً" كما سبق أن أوضحنا هذا الأمر.
رابعًا: وهذا رأي ثالثٌ لبعض العلماء والفقهاء
أن بعض نظريات الغرب قد توجد فيها جزئياتٌ أو تفصيلاتٌ مفيدةٌ، حين توضع في الإطار الإسلامي وتذوب فيه وتدخل في نظام الإسلام العام، على سبيل المثال قضية الانتخاب في الغرب: يمكن أن يطبَّق عليها عندنا قانون الشهادة من حيث العدالة، وإذا سقطت عن المنتخب هذه الشروط سقط حقه في التصويت بالضرورة، فهنا لا نرفض الفكرة لمجرد أنها صناعةٌ غربيةٌ؛ لأن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها، ولكن المطلوب الحذر واليقظة؛ حتى لا نقع فيما لا يتفق مع الإطار الإسلامي، أو تحدثَ عملية ترقيع أجزاء من المذاهب بأجزاء أخرى.
ونستطيع أن نقول إن الشورى قد تلتقي معها بعضُ الأنظمة السياسية في بعض صورها أو آلياتها، في الصورة أو المظهر، لكن تظل في الحقيقة الأمور بينهما تختلف اختلافًا جوهريًّا، كما وضح من ذكر خصائص الشورى الإسلامية وحقيقة الديمقراطية الغربية.
لقد جعل الإسلام الشورى فريضةً إلهيةً لا اختيارَ للأمة في التخلي عنها، وهي شاملةٌ لحياة المجتمع في الأسرة وفي شئون الدولة وفي أحوال الأمة التي لا تجتمع على ضلالة.. يقول أبو هريرة- رضي الله عنه- "ما رأيت أحدًا أكثر مشورةً لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم".
| |
|